الأثر الذي يخلّفه فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي
خلال مناقشاتنا، يتساءل قادة الأعمال عما إذا كان تراجع السوق يشير حقاً إلى حالة ركود، وعن مدى خطورة الركود الناجم عن جائحة كوفيد-19، وعن السيناريوهات التي تدعم النمو واستعادة النشاط الاقتصادي، وعمّا إذا كانت الأزمة التي بدأت تتوضّح ستسفر عن أي تأثير هيكلي دائم.
الحقيقة هي أنّ التنبؤات والمؤشرات لن تجيب عن هذه الأسئلة. تُعتبر توقعات الناتج المحلي الإجمالي التي بالكاد يمكن الاعتماد عليها في الأوقات العادية، غير واضحة لأنّ مسار الفيروس وفعالية الجهود المبذولة لاحتوائه وردود فعل المستهلكين والشركات ما زالت غير معروفة. ما من رقم واحد يحدّد أو يتوقع الأثر الاقتصادي الذي ستخلّفه جائحة كوفيد-19 بشكل مؤكد وموثوق.
يجب أن ندرس مؤشرات السوق عبر فئات الأصول، وأنماط الركود والانتعاش، بالإضافة إلى تاريخ الأوبئة والصدمات، من أجل الحصول على فكرة معمّقة عن المسار في المستقبل.
ما تنذرنا به الأسواق
تكشف نظرة فاحصة عليها أنّ الركود لا ينبغي أن يكون نتيجة محتّمة. أولاً، لنأخذ على سبيل المثال تقييمات الأصول المعرّضة للمخاطر، حيث لم يكن تأثير كوفيد-19 موحداً. من جهة، ارتفعت هوامش الائتمان بشكل ملحوظ، مما يشير إلى أنّ أسواق الائتمان لم تتوقع بعد مشاكل على صعيد التمويل. وانخفضت تقييمات الأسهم بشكل واضح عن معدّلاتها المرتفعة الأخيرة، لكن تجدر الإشارة إلى أنّها لا تزال مرتفعة بالنسبة إلى تاريخ معدّلاتها على المدى الطويل. من جهة أخرى، يشير تقلّب السوق إلى وجود ضغط كبير، حيث يضع التقلب الضمني في الشهر المقبل على قدم المساواة مع أيٍ من الاضطرابات الرئيسية في السنوات الثلاثين الماضية، خارج إطار الأزمة المالية العالمية.
ثانياً، صحيح أنّ الأسواق المالية تُعد مؤشراً مرتبطاً بالركود (لأسباب ليس أقلّها أنها قد تتسبّب به أيضاً)، إلا أنّ التاريخ قد أثبت أنّه لا يجوز الربط تلقائياً بين الأسواق الهابطة والركود. خلال السنوات المئة الأخيرة، تم تسجيل سبع حالات لم تتزامن فيها الأسواق الهابطة مع فترات الركود.
لا شك في أنّ الأسواق المالية تُنسب الآن التعطيل والعرقلة إلى فيروس كوفيد-19، وهذه المخاطر حقيقية. لكن الاختلافات في تقييمات الأصول تؤكد على الالتباس الكبير الذي يحيط بهذا الوباء، وقد حذّرنا التاريخ من الخلط بين عمليات البيع للتصفية في الأسواق المالية والاقتصاد الحقيقي.
المرجع:
https://hbr.org/2020/03/what-coronavirus-could-mean-for-the-global-economy